سرماديا

سرماديا

يقال أنه إختفى***


حقيقة ما له معني
----- خالد العرفي
يقال أنه إختفى.. ذهب ولم يعد. جاءت أرواح من السماء، وإختطفته من الأرض. إستقر فى خبر مجهول. لكننى لا أصدق، فالكتاب باق.. ولأسباب أخرى، عديدة، الكتب خير من الناس. لا جدران بيننا.. هى الجسور، مع الحياة..‏ فمن قبل كتبوا ثم ذهبوا..‏ وتركوا، بعدما ماتوا.. هؤلاء، هم الأحياء. قرأت لهم وما زلت. فتعلمت،‏ كيف أعلم نفسي الحياة. ربما يوما، أكون واحدا منهم. ولآخر لحظة، لا أعرف حقا، ما سوف يأتى به القلم، من عواصف للنفس. تجعل الأفكار أمامى، كأنها ذهبت هى الأخرى، ولم يرها أحد. إختفت، فاستقرت هناك، فى فوضى عقلى، لا فى الفضاء. ولم يكن لى لأندم كثيرا، لو فعلا أحببيت يوما، أى شئ آخر، غير الكتابة. فكأنى أعانى، من غريزة الشعور الدائم، أنى بين خطأين،.. خطأ ما كتبت، إلى وقت قصير مضى، وخطأ ما لم أكتب، بعد.. هو داء لابد منه،.. عادة ضرورية.‏ فكدأبى،  إكتشفت مجددا، أنى لا أكتب شيئا، له قيمة.. لايزال الكثير، الذي يجب على أن أفعله، حينما يتوقف الليل البارد، فى النفس، وتكنس عواصف  الخريف، الأفكار البالية.. وتمسك قبضة الفكر، بما توارى فى عقلى، مختفٍ، من أصوات غريبة، ليس لها أثر..
وتوقظنى مقولتى من غفوتى. فأهم مما كتبت، وما مزّقت.. أهم من الإثنين معا، هو ما لم أكتبه بعد. حقا لو كنت جادا، مع نفسي لحققت شيئا، ذا معنى.. أن أجد ما يربطنى، بأوهام الخيال، لأجعلها أقوي من الحقيقة.. أتمنى أن أكون بارعا، في هذا الكذب الجميل، المسمي بالخيال.. خطيئة، أحاول دائما أن أقترف إثمها. ليتنى أفعل أو أستطيع... تصور، أن هذا من جوهر القصّ. قوة الإيهام.. تماما، أن أجعلك تحبّ مثلى. تعشق مثلى، أو حتى تكره. أن تذوق الحياة. تحلم بها. تحب الماضي‏. أن أجعلك ترى ما لا ترى. أسمعك ما حولك، فتندهش. وتسائل لتعرف. أن تشعر بالموت. حينما تقرأ.. للأسف أفشل فى ذلك، دوما... فأنا ألقى مجرد قشرة بذور أفكارى، خارجا.. وفى عقلى، منبتها، وأرضها، وجوهرها. وحينما أصمت، أمام نفسي، فليس هذا معناه، إلا أننى، ليس لدى ما أقوله. لكن لدى ما أفكر به..أتأمله.. للأسف أحيانا كثيرة، لا أكتبه.، وتفوتنى إثارته.. أعتقد أن هذا، هو سبب فشلى المستمر، فى الكتابة... لكننى، أتمنى أن أموت بين ذراعى الفكر، أرصّع الفراغ، بلآلئه، بدلا من الكتابة.. محاولا النجاة، من هذه الحالة. تلك هى الجنة، وأين هى.. إلا أننى أعود، وأذكر نفسي بمقولة أخرى، ذاهبا إلى أبعد من ذلك، أن لا أحد يستطيع أن يفعل شيئا بمفرده، وهى مقولة خاطئة مدلسة.. لو صدقها أحد، فلن يفعل شيئا أبدا. يضطر إلى ذلك الفشل، إضطرارا. لذلك أصدّق ما أفعل بمفردى، بمفهوم أول المقال، والحديث عن الكتب، غير الخادع. لذلك الذين جربوا يقولون، إنها الحرب مع النفس. من يموت فيها، لا يرى شيئا، من هزيمة، ولا نصر. وأنظر حولى، ولا أجد شيئا قد تغير.. أنا الذى تغيرت لأشعر، وأحس بذلك. ربما هذا أفضل كثيرا.. بل هو كذلك، وأواجه نفسي به دوما،لأترك بصمة.. أعطيها لنفسي أولا، خاصة، حينما، لا أنظر خلفى، إلا قراءة لماض، لأتعلم... أصدم نفسي خيرا من أن يصدمنى واقع مؤلم.. من هنا، لا أتوقع شيئا لا قليلا، ولا كثيرا، من أحد. لا شيء يدعونى إلي ذلك، البتة. إنما القراءة، وهى تلك النظرة العميقة، مع نفسي. فإن فعلت أنت، سوف تعجب كثيرا،.. أعجب أن يفكر البعض، أن البعض يفكر بهم. فماذا قدموا، وماذا كان، ليحدث هذا. حقا، أندهش من ذلك كثيرا، لكنه يقع فى الحياة. فى النهاية، نقول أن الأيام والليالي تعلمنا، وفى الحقيقة، نحن نعنى الألم.. نقصد مرارة ما عايناه. تلك حقيقة، نقرأها فى الحياة، والواقع، لنكتب دائما، ما له معني.‏ فلسفة فارغة، لا أنصحك، أن تلتزم بها.. فأنا لا أعرف ما الذى إختفى، الكتاب، أم الخيال، أم الأفكار، أم أنا...