سرماديا

سرماديا

أدب الخيال العلمى **


الخيال العلمى
-------
 الخيال العلمى، هو النظر إلى الحاضر المجهول، والمستقبل القريب والبعيد، من أجل توسيع الإدراك الحالي . وهو الانتقال في آفاق الزمن، ومنطلق كاتبه أن يستند فى كتابته وفي سرده، إلى الحقائق العلمية، التي توصّل إليها العلماء. الأمر الذى يمكنه من إستشراف المستقبل، مستندا الى هذه الحقائق العلمية. الأمر كذلك، الذى يمكّن الإنسان من الفهم الدقيق لعالم المادة ولتفاعلاتها، وللحياة وتشعباتها، للإنسان وتناقضاته. ويُعد أدب الخيال العلمى، من أهم الأجناس والأنواع الأدبية. وتنبع تلك الأهمية من كونه دافعا وحافزا للإبداع فى التفكير، وبكونه بلا حدود، تعوقه أو تحد منه. ولأن تنمية هذا الخيال ضرورة لتنمية التفكير العلمى، تظهر الإبداع والكشف المبكر عن المتميزين والمبدعين. بل ومدخل ضرورى أكيد وهام. وبدون الخيال العلمى لا يمكن للإنسان أن يتقدم ويتطور بحياته إلى الأمام، لأنه الضوء الذى ينير طريق البحث والإكتشاف نحو الآفاق الكبرى. وأدب الخيال العلمى يجعل البشرية أكثر إستعدادا لإستيعاب تطورات العلم الحديث وتحققها على أرض الواقع. وتلك الأهمية، هى ما جعلت أينشتين، يقرر أن الخيال أهم من العلم نفسه، بإعتباره الموجه والحافز، نحو الإكتشاف والإبتكار العلمى والأفكار، التى تنبع من الخيال خارج حدود الممكن والمعقول.  وليس للخيال العلمي حدود، والعالم الحقيقي المحب لعلمه لابد أن يحلم، وإذا لم يتخيل العالم، ويحلم، سيفعل ما فعله السابقون ولن يضيف شيئا   جديدا. والعلم، هو لغة العصر، والدور الحضاري لأية أمة من الأمم لا يكون إلا بالعلم وإبداعاته في مختلف جوانب الحياة.  وقد اخترق العلم حجباً كثيرة وحول الأعاجيب إلى مجرد أمور اعتيادية وحقق تقريبًا كل ما تنبأ به الخيال العلمي وذلك لأن العلم يبدأ من النقطة التي يقف عندها العلم، ممهدًا الطريق للمستقبل . وتعتبر أية إضافة في العلم أو الخيال العلمي لبنة جديدة في صرح المعرفة لان الخيال العلمي هو من مفردات العلم باعتباره المحفز الأول لمخيلة المبدع .
وقد أدركت الدول المتقدمة أهمية الخيال العلمي كبوابة للإبداع والإبتكار حيث وضعت بعض المقررات في مناهج التعليم لديها قائمة على استثارة الخيال العلمي لدى الأطفال بل ووضعت بعض المقررات في الجامعات مثل مقرر "أدب الخيال العلمي" ضمن المناهج التدريسية. وأصبحت دراسة الخيال العلمي جزء لا يتجزأ من خطط وإستراتيجيات المستقبل .ومن هنا بدأ إستخدام الخيال العلمي على نطاق واسع في الدول المتقدمة، من زوايا عديدة وبطريقة خيالية مستندة إلى العلم والتكنولوجيا. وتزداد مصداقته باستخدام مجازات وإستعارات مستقاة من واقع العلم والتكنولوجيا، بنقل الحقيقة العلمية بأمانة وصدق وبنظرة مستقبلية.
ولقد إتسع إنتشار الخيال العلمي Science Fiction في العالم، وأصبح يفرض نفسه على النماذج الأدبية الجديدة لإعداد علماء للمستقبل، فقد تكون قصص الخيال العلمي بديلا حقيقيا لإدخال العلم بقوالب جامدة، مما قد يؤدي إلى عدم الإنصراف عن العلم أو عدم الإهتمام به. ولذلك تحتل قصص الخيال العلمي مكانة مرموقة في المجتمع المتقدم الحديث.. كما يحظى هذا النوع الأدبي، بإهتمام العلماء كما يحظى بإهتمام الأدباء وعلماء النفس، وغيرهم . ويمثل أدب الخيال العلمي صورة مقروءة للأفكار، وخريطة بديلة للمعرفة، وجسر منهجي إلى علوم المستقبل، فى الوقت الذى تتسع فيه أنماط العلم المعروفة، وتتداخل فيه أفرع المعرفة العديدة.. مما يمكن من دعم التفكير الخلاق الإبداعى الشامل. ويمكن أن يؤدي تحرير الخيال إلى وضع الفرضيّات العلمية، وتعديل مسالك التأمل والملاحظة، والتخلص من التبعة للأفكار السائدة. كما يحرض الإرادة البشرية على إرتياد المجهول والتدريب على تذوق لذّة الكشف العلمي. ويسهم في ترسيخ الثقافة العلمية. ومن ثم يشجعهم على مزيد من الإهتمام بالقراءة، وكوسيلة تعليمية حديثة تضمن توجيه الرغبة، في التعامل مع الحياة، والتعبير عن الآراء والتصورات بأسلوب علمي.  وبصفة خاصة تساعد الدراسة العلمية، علي بناء الشخصية، ومما يمكن أن يكون عاملاً فعالا، في التغيير والتجديد . وذلك بالإهتمام بالمعرفة المعاصرة وإمتدادها إلى المستقبل، وأثرها على السلوك الإنساني .
ويتعامل الخيال العلمى، مع المادة والزمان والمكان والكون والفضاء، وكثير من الأمور، بصورة خلاقة بالترجمة بين الطرق المختلفة، لرؤية العالم فى ظل آلاف الحقائق العلمية المتجمعة، لبناء صورة تتنبأ بمستقبل الجنس البشري، ومجتمع الغد ومدنيته. وذلك بمعالجة الحقائق العلمية، ودعم الثقافة العلمية المنوط بها إستعاب التغييرات التي يمكن التنبؤ بها فى تلك البيئة. وبمحاولة تصور المستقبل الممكن والتطور العلمى وراء الأفق وخلق تصورات جديدة لما هو معروف فعلاً . وفي ضوء الخيال العلمي الذى يخترق حدود الزمان والمكان، يستطيع الإنسان بالخيال، أن يطوف أرجاء الكون بالتزود بكثير من الحقائق، والمكتسبات العلمية الحديثة، مما يمنحه القدرة على عبور آفاق الزمن بطموحاته ونبؤاته وأفكاره لطرق أبواب المستقبل. ومن هنا يرسم المستقبل بما يمكن أن يكون وكيف يمكن أن يحياه لإرتباطه بشكل مباشر بنوعية الحياة المستقبلية نتيجة للتقدم العلمى والتكنولوجى المتسارع. خاصة وأن مستقبل العلم والتكنولوجيا قد يصل إلى أقصى تقدم تتصوره البشرية . بالإضافة إلى أن الحدود الفاصلة بين هذا الخيال والعلم، توشك أن تتلاشى، بعد أن تحققت كثير من التنبؤات، وتحولت إلى واقع مشاهد وملموس من التقنيات العلمية التى تحيط بنا. ولأن العلم يستثمر أفكار الخيال العلمى مما يمكن أن يتحول إلى إبتكارات وإكتشافات جديدة. وسوف يظل الخيال العلمى دافعا يحث العلماء على تقديم المزيد من الإنجازات فى مستقبل القرن الواحد العشرين، فى هذا المجهول الكونى، الذى يحيط بالإنسان. وحيث يمكن إكتشاف الكثير من المفاجأت العلمية المثيرة بعد رسوخ المفاهيم والحقائق العلمية، التى تتصل بعدة علوم، يُبنى عليها المعارف التى تتنبأ بما يمكن عليه الحال، فى نهاية هذا القرن الواحد. كما أنها تثير روح الفضول العلمى .ومن هنا تظهر قيمة وأهمية الخيال العلمي، في إعداد وتنشئة العلماء والمبدعين وبأهميته القصوى، في إحداث التغيير والتطوير مع التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة والثقافة العلمية. الأمر الذى يمكن من المساهمة في العمل علي إعداد جيل من العلماء لمستقبل لن يكون فيه موضع قدم إلا لأصحاب البحث والإبتكار والإبداع في ظل التحديات التكنولوجية والتقنية الهائلة.